لقى قرار هيئة ميناء الإسكندرية بمنح تخفيضات لحاويات الترانزيت ردود فعل واسعة فى السوق الملاحية، لاسيما أنه سيمنح الشركات العاملة فى قطاع النقل البحرى بمجالات المختلفة، فرصة لزيادة معدلات التداول.
وأشار مصدر مطلع لـ”المال” إلى أن القرار جاء بعد عقد جلسة تشاور مع التوكيلات الملاحية نهاية فبراير الماضى، تم خلالها استطلاع رأى تلك الشركات حول الحوافز التى يمكن منحها لتجارة الترانزيت، حيث تركزت المطالبات فى ضرورة تعديل القرار 800 لسنة 2016، بخصوص تجارة الترانزيت.
وأوضح المصدر أن هيئة الميناء تقوم بتداول ترانزيت تصل إلى %2 فقط من حجم الحاويات المتداولة بالميناء، بينما باقى الحاويات المتداولة فى التجارة الخارجية “ صادرات وواردات “ ، وذلك بالرغم من زيادة الطاقة الاستيعابية، لمحطات الحاويات بالميناء والتى تركزت فى شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، والإسكندرية لمحطات الحاويات الدولية “ هاتشيسون “، ومحطة تحيا مصر، بالإضافة إلى قرب الانتهاء من مشروع رصيف 100 بميناء الدخيلة.
وتعرف تجارة حاويات الترانزيت، بالشحن العابر، والذى يعنى قيام السفن الكبيرة بتفريغ حاوياتها فى ميناء محورى، من أجل إعادة شحنها فى سفن أصغر إلى دول أخرى، لتوفر تكلفة مرورها بكل هذه البلدان.
بدوره، أشار هانى عبد الرشيد رئيس شركة «تاروس ميد ايجيبت» ووكيل خط التاروس الإيطالى، إلى أن القرار من أهم الإجراءات التى اتخذتها وزارة النقل خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن الموانئ المصرية تمتلك بنية تحتية قوية، ومحطات حاويات جديدة ضخمة، وأن القرار من شأنه زيادة الطاقة التشغيلية لتلك المحطات.
وأضاف أن أهم عوامل الجذب لتجارة الترانزيت تخفيض سعر التعريفة بالموانئ المصرية، والتى وصفها بأنها تعد الأغلى فى المنطقة مقارنة مع الموانئ الأوروبية، وكذا المنافسة لنا.
وأوضح وكيل خط “التاروس” أن قرار خفض التعريفة يعد خطوة لجعل مصر مركزا لتجارة الترانزيت عالميا، ومن المؤكد حدوث تأثير على أرض الواقع خلال المعدلات التشغيلية للميناء العام الجارى، مطالبا بتطبيق هذا القرار على الحاويات (FCL) على نشاط البضائع المجمعة والذى يتيح أن تكون مصر من المراكز الرئيسية لتجارة الترانزيت، وقد تتخطى دبى وأنتويرب وإسبانيا.
وتابع أن أهم المستفيدين من القرار الخطوط الملاحية الكبرى والتى لديها معدلات ضخمة، حيث كلما كان العدد كبيرا كانت الاستفادة أكثر، إلا أن الموانئ المصرية ستكون المستفيد أكثر من الخطوط الملاحية لملء الطاقات الاستيعابية الجديدة التى تم إنشاؤها.
ونص قرار هيئة الميناء على منح الخط الملاحى تخفيضا فى مقابل استخدام البنية الأساسية للميناء، وعند قيام الخط بتداول من 20 – 49.9 ألف حاوية سنويا تكون نسبة التخفيض بواقع %10، وفى حالة تداول 50 – 100 ألف حاوية ترتفع النسبة إلى %15.
وفى حالة تداول الخط الملاحى 100 – 200 ألف حاوية سيكون التخفيض بنسبة %20، ومن 200 – 300 ألف حاوية يرتفع إلى %25، وفى حالة تداول 300 – 400 ألف حاوية مكافئة يقفز إلى %30، أما فى حالة وصول تداول الخط الملاحى ترانزيت بواقع 400 ألف حاوية فأكثر يكون التخفيض بنسبة %35.
ونص قرار هيئة الميناء على أن يتم منح التخفيض بناء على شهادة تصدر من محطة الحاويات بالميناء نهاية كل عام مالى، وتصدر الشهادة لكل رحلة على حدة لكل خط ملاحى، موضحا بها إجمالى أعداد الحاويات الترانزيت المفرغة.
كما نص القرار على أن يُحصل الوكيل الملاحى نظير استخدام البنية الأساسية للميناء من الخط الملاحى لصالح هيئة الميناء المفرغة بها الحاويات والبضائع الترانزيت 3.5 دولار عن كل حاوية ترانزيت 20 قدما، و7 دولارات عن كل حاوية ترانزيت 40 قدما أو أكثر.
وقال المهندس مدحت القاضى نائب رئيس شركة كادمار للملاحة، وعضو مجلس إدارة غرفة ملاحة الإسكندرية إن القرار يأتى ترجمة لعدد من الاجتماعات التى تم عقدها مؤخرا بين هيئة ميناء الإسكندرية، وغرفة الملاحة.
وأشار إلى أن الغرفة كانت قد طالبت بتطبيق القرارات التى يتم العمل بها بموانئ بورسعيد ودمياط، حتى استطاعت أن تحقق معدلات من الترانزيت مقبولة، تجاوزت فى ميناء شرق بورسعيد %90، كما وصلت أكثر من %60 بميناء دمياط.
وأكد المهندس أحمد مصطفى رئيس شركة “سيفتى لينك” للملاحة،أن هناك مساعى خلال السنوات الماضية لزيادة جذب الحاويات الترانزيت للموانئ المصرية، واصفا القرار الجديد بأنه “ خطوة على الطريق الصحيح “.
ولفت إلى أنه حتى يتم جذب تجارة الترانزيت والتى وصفها بأنها الرهان الأساسى لموانئ المنطقة، فلابد من اتخاذ عدة إجراءات أهمها التسويق لجذب خطوط جديدة، وتسهيل الخدمات بتعريفة ملائمة مثل التموين سواء بنكر “ تموين الوقود “ أو التموين بالمياه، بالإضافة إلى العمل على زيادة كفاءة معدلات التداول، عبر الاعتماد على أوناش حديثة لمحطات الحاويات، بالإضافة إلىتيسير الإجراءات الجمركية والضمانات للترانزيت غير المباشر، ومنح أولوية تراكى للسفن الأم “ MOTHER” و”الفيدر” التابع لها.
وقال أحمد شوقى رئيس لجنة الشحن والتفريغ بغرفة ملاحة الإسكندرية إن القرار سيكون له عائد كبير على ميناء الإسكندرية ومحطات الحاويات العاملة بها، والتى تضاعفت طاقتها الاستيعابية بعد أعمال التطوير بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، وافتتاح محطة “تحيا مصر”، علاوة على قرب افتتاح رصيف 100 بميناء الدخيلة.
وأوضح أن تنفيذ نظام التسجيل المسبق (ACI) الذى تم تطبيقه من قبل مصلحة الجمارك، كان يعد من التحديات التى تواجه تجارة الترانزيت خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن القرار يعد دفعة قوية لتلك التجارة، مقترحا أن يتم تعديل بعض البنود ليصل حجم الخصم إلى %50 من الرسوم، وكذا منح أولوية تراكى للسفن التى تحمل الترانزيت.
من جهته، أكد اللواء على الحايس، نائب رئيس هيئة الميناء السابق، أن ميناءى الإسكندرية والدخيلة من الصعب أن يكونا مركزا للحاويات الترانزيت، بالرغم من الحوافز المقدمة من هيئة الميناء وشركات الحاويات، موضحا أن الموقع غير مؤهل لذلك.
وأضاف “الحايس” أن محطات حاويات دمياط وشرق وغرب بورسعيد والسخنة مؤهلة أكثر من ميناءى الإسكندرية والدخيلة للقيام بهذا الدور بسبب موقعها الأكثر حيوية لقربها من حركة قناة السويس.
وأوضح أن جذب تجارة الترانزيت مرتبط بمؤشرات أداء الاقتصاد العالمى وحركة التجارة، وأيضا مؤشرات أداء الاقتصاد المحلى، بالإضافة إلى تأثير التغيرات الجيوسياسية القريبة من الموانئ المصرية، مطالبا بدراسة حركة الترانزيت حاليا فى “بيريه” باليونان، وطنجة بالمغرب، ومالاجا وقبرص وحيفا، وكيف يمكن منافستهم وجذب الخطوط منهم فى دمياط وبورسعيد.
وقال اللواء حسام الروينى النائب السابق لرئيس ميناء الإسكندرية، إن معوقات تجارة الترانزيت بميناء الإسكندرية تتركز فى التعريفة المعمول بها وفقا للقرار 800 لسنة 2016، وهذه التعديلات ستكون حلا لهذا التحدى، بالإضافة إلى الإجراءات الجمركية والتى تتمثل فى كشف الجميع أثناء تطبيق تلك الإجراءات.
ولفت «الروينى» إلى أن كشف جميع البضائع لا يتم إلا بميناء الإسكندرية، إضافة إلى اختلاف الإجراءات من الإدارة المركزية لجمارك الدخيلة، عن الإجراءات المتبعة من قبل الإدارة المركزية بميناء الإسكندرية، مطالبًا بتوحيد الإجراءات الجمركية بين الميناءين.
يذكر أن تجارة الترانزيت تنظمها المادة 25 من الباب الخامس «النظم الجمركية الخاصة بقانون الجمارك رقم 207 لسنة 2020، وكذلك يوجد تنظيم لتلك المادة فى اللائحة التنفيذية لقانون الجمارك.
وأشار مصدر مسئول بأحد التوكيلات الملاحية إلى أن القرار جيد بالنسبة لتخفيض تعريفة الموانئ، مؤكدا ضرورة إلغاء خطاب الضمان، إضافة إلى عملية التثمين للبضاعة فى ميناء الوصول الأول، كأن يتم وصولها إلى ميناء الإسكندرية، ثم نقلها لميناء دمياط، ليتم التقييم والتثمين فى الميناء النهائى.
ونفذت الهيئة على مدار السنوات الماضية عددًا من المشروعات الكبرى، منها محطة «تحيا مصر» التى تضم مساحات تداول تبلغ نصف مليون متر مربع، وتنقسم إلى 3 أجزاء داخلية لتداول الحاويات – والبضائع عامة – السيارات»، بطاقة تشغيلية تتراوح من 12 إلى 15 مليون طن سنويًا، وقدرة على استقبال من 6 إلى 7 سفن ذات حمولات كبيرة فى الوقت ذاته.
وتمتد أرصفة «تحيا مصر» بأطوال تصل إلى 2450 مترًا، وعمق 17.50 متر، وتعول عليها الحكومة فى رفع تصنيف ميناء الإسكندرية ليكون أهم المنافذ البحرية الواقعة على البحر المتوسط، فى تجارة الترانزيت، إذ تم توفير عدد من الساحات التخزينية اللازمة لاستقبال البضائع.
